أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الخميس، 11 سبتمبر 2025

الرئيسية معمري رؤية حضارية

معمري رؤية حضارية

تأمل في العنف وفناء الحضارات

نص مولود معمري "الموت العبثي للأزتيك" هو تأمل شعري عميق في العنف التاريخي، هشاشة الحضارات، وعبثية الهيمنة الإمبريالية. يمزج بين التاريخ والفلسفة والشعر ليطرح تساؤلات حول آليات الإبادة الثقافية وتبعاتها الوجودية. إليك أبرز المحاور التي يتناولها النص:

1. مأساة كونية: موت الحضارات العبثي
يرى معمري أن سقوط حضارة الأزتيك ليس مجرد حدث تاريخي، بل رمز لعبثية كل حضارة تواجه فنائها. الأزتيك، الذين أسسوا كوسمولوجيا تقوم على التضحية والخوف من نهاية العالم، يجسدون إنسانًا واعيًا بضعفه. إبادتهم على يد الإسبان تصبح تجربة مختبرية للعنف الاستعماري:
منطق التطهير: يُنظر إلى الأزتيك كـ"آخرين" مختلفين جذريًا، مما يبرر القضاء عليهم باسم "مهمة حضارية" أو دينية (التنصير، تدمير الأصنام).
غياب الضمير الأخلاقي: الغزاة يتصرفون بلا تردد، مقتنعين بشرعية إلهية، ويعاملون الأزتيك ككائنات يجب إبادتها.
هذا الفناء ليس عبثيًا فقط في شدته، بل لأنه يمحو طريقة فريدة في فهم العالم، بُنيت على مدى عشرين قرنًا، في بضعة أشهر.

2. الغرب كقوة مدمّرة وموحِّدة
ينتقد النص التوسع الغربي بوصفه عملية تقليص للتعدد إلى الواحد، وتحويل التنوع الثقافي إلى نموذج واحد للحداثة:
كونية قمعية: الفكر الغربي، الأحادي والمختزل، يفرض حقيقة واحدة (التوحيد، العلم، السوق)، ويقضي على كل اختلاف.
الاستيعاب كشكل جديد من الإبادة: العنف الرمزي (عبر التعليم، الثقافة، الإعلام) يحل محل العنف الجسدي. يُجبر "البرابرة" على أن يصبحوا "رجالًا بيض"، فيفقدون فرادتهم لصالح هوية نمطية.
موت الآفاق: تفقد الثقافات المستعمَرة علاقتها الشعرية بالعالم، لتحل محلها رؤية نفعية، خالية من السحر، تركز على الإنتاج والعقلانية.
يرى معمري أن الغرب ينجح في كل شيء... إلا في تحقيق السعادة. فهو يهيمن، لكنه يبقى فارغًا، أسيرًا لمنطق النمو والاستهلاك الذي ينكر جوهر الإنسان: الفرح، الحرية، والانسجام مع الطبيعة.

3. نقد وجودي: الإنسان في مواجهة العدم
ينتمي النص إلى تقليد مأساوي قريب من الفكر اليوناني أو نيتشه. يؤكد معمري أن:
كل موت عبثي، لكن موت الأزتيك أكثر عبثًا لأنه "ضد العقل": لا يحمل معنى تاريخيًا ولا مبررًا أخلاقيًا.
الحداثة تكرر هذا العبث: التهديد النووي، تدمير البيئة، محو الثقافات المحلية... كلها مؤشرات على أن البشرية تعيش تحت ظل نهاية محتملة، كما كان الأزتيك ينتظرون عودة العدم.
الوعي هو الرد الوحيد: رفض أوهام التقدم الخطي أو الأصالة المؤسطرة. قبول موت الحضارات لابتكار آفاق جديدة، بلا حنين ولا استسلام.

4. صوت أمازيغي ضد الكونية الاستعمارية
بصفته مفكرًا جزائريًا، يربط معمري مأساة الأزتيك بمأساة الشعوب المستعمَرة في الجنوب. ينتقد:
أسطرة الأصالة: حركات المقاومة التي تتجمد في ماضٍ مثالي (كالكلتية أو القومية العربية) تعيد إنتاج المنطق الاستعماري، لأنها تُعرّف نفسها بالرفض لا بالإبداع.
ضرورة تعدد العوالم: إنقاذ التنوع الثقافي ليس كفلكلور، بل كثراء حيوي للإنسانية. كل ثقافة تحمل "صيغة خلاص" فريدة، تُفقد إلى الأبد عند اندثارها.
تضامن "الشعوب" في العالم: كل الشعوب المهمشة تواجه نفس المأزق – إما الاندماج والفقدان، أو المقاومة والتكلس. الحل يكمن في ابتكار "وجود مشترك" يقبل الاختلاف دون أن يلغيه.

5. كتابة شعرية وملتزمة
أسلوب معمري يجمع بين الغنائية والحدة. يستخدم صورًا قوية (النهر الجارف، الأغصان الشائكة، الأفق المفقود) ليعبر عن إلحاح نقده. يتجاوز حديثه عن الأزتيك ليطرح أسئلة حول الإنسان المعاصر:

"نحن نعيش من سموم تؤسسها" – الحداثة تدمر نفسها بإبادة الآخرين.
 "أول خطوة نحو الحضارة هي أيضًا خطوة نحو التدمير" 
 كل اندماج في العالم الحديث ينطوي على خسارة لا تُعوّض.

خاتمه تجمع بين التشاؤم والمقاومة: البشرية محاصَرة، لكنها لا تزال قادرة على اختيار الحفاظ على التنوع كشرط لبقائها.

أصداء معاصرة
رغم أن النص كُتب عام 1972، إلا أنه لا يزال شديد الصلة بالواقع:
الإبادة البيئية والرأسمالية: منطق الاستخراج يذكّر بغزوات الكونكيستادور، لكن على نطاق عالمي.
أزمة الهوية: التوتر بين العولمة والمطالب المحلية (الوطنيات، الثقافات الأصلية).
فلسفة المقاومة: كيف نواجه التوحيد دون السقوط في الانغلاق؟
يدعونا معمري إلى اعتبار اختفاء الأزتيك تحذيرًا: بدون تنوع ثقافي وبيئي، تسير البشرية نحو فنائها.
 
إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.