الامازيغ والمرأة

لوحة للفنان نورالدين زكارا

 الاميسية المتفككة

من منظومة "للا" إلى "ثين" مقاربة سوسيولغوية تاريخية

لفهم  التحول العميق في مكانة المرأة الأمازيغية من خلال تحليل لغوي واجتماعي لتطور الخطاب الرمزي من منظومة "للا" Lella إلى منظومات لاحقة مثل "ثين" و"كم"، في ظل تأثيرات الاستعمار والديانات الذكورية ،الى آخر معاقل المقاومة النسوية في بلاد إيموهاغ، حيث ما تزال المرأة تحتفظ بمكانتها الرمزية والاجتماعية.
 

1. التحولات الدلالية: من "تللاليث" إلى "ثكموميث / ثشموميث"
تللاليث Talellalit: اسم ذو دلالة إيجابية يعكس النقاء والأنوثة.، المصطلح منحوت من الكلمة للا Lell-a
ثكموميث Tacmummit / Takmummit: مشتقة من "أشممث" بمعنى التحقير، وتدل على تراجع رمزي في مكانة المرأة.

كم او شم تعني انت ... فبدل مناداة المرأة باسمهما يستعمل الضمير  
هذا التحول اللغوي يعكس انقلابًا في البنية الثقافية تجاه المرأة.

  

 2 منظومة "للا" Lella: رمزية المرأة الأمازيغية

المرأة كأصل الحياة
"للا" مشتقة من الجذر "يلول" ilul و"يتلال" itlal، أي من تلد وتنجب.
المرأة تُعتبر أصل الحياة في التصور الأمازيغي.

 المرأة المالكة
"للا" تعني المالكة  فهي تملك، وتُستخدم في تعابير مثل:
"لال وخام" (صاحبة الدار)
"لال ن تفوتاست" (مالكة البقرة)
يقابلها "باب ن وخام" (صاحب الدار)، مما يعكس توازنًا في الملكية والسلطة.

اللوحة للفنان نورالدين زكارا

 المرأة الحرة والقائدة
"للا" لقب شرفي يُمنح للمرأة الحرة والموقرة.
يحمل قيمة رمزية واجتماعية عالية، ويُكتسب عن جدارة.
يعكس مكانة المرأة كرمز للسلطة والاحترام في المجتمع الأميسي.

للا هو راسمال رمزي ، يمنح للمرأة التي يعترف بها المجتمع ، واللقب التشريفي هو عرفان المجتمع لها .

المرأة الملكة  

المرأة عند  الامازيغ هي ايضا ملكة بامكانها ان تحكم وتقود الرجال .نساء كثيرات قدن الرجال : ثيهيا ،ثينهينان،فاظمة ثزوقاغث ، علجية اولتحناش ، فاظمة ن سومر ، ثازروالت ....

3 تفكيك المنظومة الأميسية: أثر الاستعمار والديانات الذكورية
سلسلة الاستعمارات المتتالية، خاصة المسيحية ثم الإسلام، ساهمت في تفكيك البنية الأميسية.
هذه الديانات كرّست سلطة الذكر، مما أدى إلى تراجع دور المرأة في المجتمع الأمازيغي.
اللاشعور الجمعي ما زال يحتفظ ببعض رموز السلطة النسوية، كما يظهر في بعض العادات مثل عدم توريث المرأة. لا تورث لانها هي المالكة 

4. من "للا" إلى "ثين" و"كم": انحدار رمزي في الخطاب

"ثين" أو "ثيناث": اسم إشارة يعني "تلك"، يستخدم للإشارة إلى المرأة بشكل غير شخصي.
"كم" أو "شم": ضمائر تُستخدم بدل الاسم، تعكس تراجعًا في التقدير.
"أشمث" أو "أوشميث": تعني "من أنتِ؟"، واستخدامها في وصف الرجل يُعد تحقيرًا له بإسقاطه إلى مرتبة المرأة حسب الثقافة الذكورية الوافدة.

5. بلاد إيموهاغ: آخر معاقل المنظومة الأميسية
أمازيغ الصحراء الكبرى، المعروفون بـ إيموهاغ، يمثلون آخر معاقل مقاومة المنظومة الأميسية التقليدية.
المرأة عند ايموهاغ، ما تزال تحتفظ بسلطة رمزية واجتماعية، وتُمنح ألقابًا شرفية مثل "تمنوكالت" (الزعيمة).
تُمارس المرأة  دورًا قياديًا في الحياة اليومية، وتتمتع بحقوق في الملكية، الزواج، وحتى الطلاق.
هذه المجتمعات الصحراوية حافظت على الكثير من الرموز اللغوية والاجتماعية التي تكرّم المرأة، مما يجعلها ذاكرة حية للمنظومة الأميسية.

6. دلالات  لغوية 

اللوحة للفنان نورالدين زكارا

في اللغة الامازيغية الكلمات التي لها علاقة بمنظومة القرابة ،تعكس الطبيعة الاميسية للمجتمع الامازغي .

امثلة : الكلمات اوما اكما ، اولتما اي اخي اختي  تعكس انساب الابناء الى "ما " الام  . 

الكلمة اثماثن اوماثن  هي الاخرى تعكس الارتباط  باللام  .

الكلمات عمي خالي في الامازيغية وهي من المنظومة الذكورية لا يوجد ما يقابلها في المنظومة الاميسية . المنظومة عند ايموهاغ تعكس ذلك  فكل التسميات موجوده ، لكن من منظور اميسي .

 

7. الاسم ثامططوث

ثامططوث يعني المرأة  ، لكن ماهي الرمزية التي يخبئها الاسم ؟

ان الكلمة من :

 ثا ميط  اي التي تربطنا بالحبل السري ثاميط  .

من ثا مصوطوذت اي المرضعة 

واهم شيء الحرف "م " الذي يقابله في التفناغ ⵎ 

م  يعني ما هو طبيعي ، ما هو اصلي ، ما هو جوهري  

 

8 .الممارسة الاجتماعية الثقافية

ميول الاطفال في شمال افريقيا ممارسة حية الى الآن ، حتى اننا نسمع العبارة : لولاد ايخولو  اي يتبعون اخوالهم ..

العبارة طبعا تقال باندهاش ، واحيانا المسكوت عنه هو اتهام المرآة بتخويل الاطفال ...

في الحقيقة السلوك هو نتاح اللاوعي الجماعي والوعي الجماعي  

 
9. من الرمزية إلى المقاومة 
تكشف هذه المقاربة كيف كانت المرأة الأمازيغية في قلب المنظومة الاجتماعية والرمزية، قبل أن تتعرض هذه المنظومة للتفكيك بفعل الاستعمار والديانات الذكورية. ومع ذلك، فإن بلاد إيموهاغ تمثل نموذجًا حيًا لاستمرارية السلطة النسوية، وتُعد شاهدًا على قدرة الثقافة الأمازيغية على مقاومة التهميش الرمزي للمرأة.

 

اخيرا  

 إن إعادة قراءة دور المرأة في المجتمعات الأمازيغية، انطلاقًا من رمزية "للا" وصولًا إلى واقع المرأة عند ايموهاغ، هو دعوة لاستعادة الوعي التاريخي والرمزي بمكانة المرأة كحاملة للحياة والسلطة والحرية.

ان الحديث عن حرية المرأة ليس منتوجا غربيا ، العكس في قلب ثقافة الامازيغ بالامس. 

 

إيغوصار