أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الأحد، 24 أغسطس 2025

الرئيسية الهوية المفروضة: هوية ميتة

الهوية المفروضة: هوية ميتة

الهوية المفروضة هوية ميتة

من يبحث عن هويته في الدستور، لم يجدها يومًا في القلب. لا يوجد عربي واحد فوق الارض لغته الام هي العربية ولغة يومياته من النهوض الى النوم الى الحلم هي العربية.

الهوية التي تُفرض، ليست هوية
في زمنٍ تُبنى فيه الحدود بالأسلاك الشائكة، وتُصان الهويات بالقوانين، وتُعلن الانتماءات في الدساتير، تأتي جملة بسيطة كزلزال: 
الهوية الحقيقية لا تحتاج إلى دستور، ولا إلى قانون، ولا إلى حراس المعبد، ولا إلى فتاوى، ولا إلى بوليس... لأن قلوب أبنائها تحميها.
ليست هذه جملة عابرة، بل نداء من أعماق التاريخ، صرخة تُذكّرنا بأن الهوية ليست مؤسسة حكومية، ولا وزارة للثقافة، ولا خطابًا دينيًا، ولا جهازًا أمنيًا.
الهوية الحقيقية هي نبضٌ في الصدر، قبل أن يكون شعارًا على الجدار.
 
أولًا: متى تبدأ الهوية بالموت؟
الهوية تبدأ بالانهيار عندما تتحول إلى مشروع قانون.
عندما نحتاج إلى "قانون لحماية اللغة"
عندما نُصدر "فتاوى لتأكيد الانتماء الديني"
عندما نُنشئ "أجهزة أمنية لمكافحة التغريب"
عندما نُعلّم الأطفال الهوية في المدارس كمادة تُمتحن فيها الذاكرة، لا القلوب
كلما زادت الحاجة إلى الحراس، القوانين، والمؤسسات لحماية الهوية، كلما ازدادت هشاشتها.
فهل تحتاج الشمس إلى إذن للإشراق؟
هل يحتاج البحر إلى قانون ليكون مالحًا؟
هل يحتاج القلب إلى شهادة رسمية ليحب؟
لا.
والهوية، إن كانت حقيقية، لا تحتاج إلى شيء من هذا
.

ثانيًا: الهوية الحية تُورث، لا تُفرض
الهوية الحقيقية لا تُولد في القاعة الوزارية، بل في:
حضن الأم
لهجة الجدّ
رائحة الخبز في الفرن
الأغنية التي تُغنّى في الحصاد
الحكاية التي تُروى تحت النجم
هي حياة تُعاش، لا أيديولوجيا تُتلى.

الطفل الذي ينام على لهجة أمه، لا يتعلمها من كتاب.
الشاب الذي يفخر بأرضه، لا لأنه قرأ عنها في منهج دراسي، بل لأنه رأى جدّه يُقبّل ترابها.
المرأة التي تحفظ تقاليد قومها، لا لأن القانون يفرضها، بل لأنها شمّت رائحتها في عباءة جدّتها.
الهوية لا تُدخل بالقوة، بل تتسرب بالحب.

ثالثًا: من يحمي الهوية؟ ليس البوليس، بل القلب
تخيّل دولة:
تُرسل الشرطة لحماية اللغة
تُعاقب من ينطق بلغة غير رسمية
تُراقب البيوت لئلا تُسمع "موسيقى محرّمة"
تُصدر فتاوى أسبوعية حول "الانتماء الصحيح"
أهذه دولة تحفظ هوية؟
أم دولة خائفة من فقدانها؟


الهوية التي تحتاج إلى بوليس، هي هوية مهددة من الداخل.
الهوية التي تحتاج إلى حراس المعبد، هي هوية لا تثق في نفسها.
الهوية التي تحتاج إلى فتاوى، هي هوية تُدار من الأعلى، لا تنبض من الأسفل.


أما الهوية الحقيقية: 
لا تُعلن، بل تُشعر.
لا تُدافع عنها، بل تُعاش.
لا تُفرض، بل تُورث.
لا تُقاس بالانتماءات الرسمية، بل بالانتماء الداخلي.
قلبك لا يحتاج إلى دستور. فلماذا تحتاج هويتك إلى قانون لكي تبقى؟ 

رابعًا: أمثلة من الواقع — الهوية الحية ضد الهوية المُصطنعة
1. الأمازيغ في المغرب والجزائر
لم يُعلنوا يومًا "نحن أمازيغ" بفتوى.
لم يُنشئوا دولة لحماية هويتهم.
لكن لغتهم بقيت، وتقاليد الجبل بقيت، وقلوب أبنائها حَمَتْها عبر القرون.
حتى في ظل القمع، لم تمت، لأنها كانت في القلب، لا في الوثيقة.
2. العرب في البادية
لم يعرفوا معنى "القومية العربية" كما صاغها البعثيون.
لكنهم حافظوا على الكرم، الشجاعة، الشعر، واللغة، بلا مدارس، بلا إعلام، بلا دولة.
لأنها كانت في الدم، في العادة، في العِرض.
3. الإسلام في بداياته
لم يكن هناك "وزارة للأديان".
لم تكن هناك "شرطة دينية".
لم تكن هناك "دساتير إسلامية".
ومع ذلك، انتشر في قلوب الناس، بقوة الحجة، والأخلاق، والصدق.
اليوم، حيث تكثر "الهويات المحمية"، تضعف الهوية الحقيقية. 

خامسًا: الهوية ليست مشروع دولة، بل مشروع إنسان
الدولة تُريد هوية:
موحدة
خاضعة
قابلة للقياس
متوافقة مع خطابها

لكن الإنسان الحقيقي يحمل هوية:
معقدة
متعددة
عميقة
غير قابلة للسيطرة

الدولة تُريد هوية تُستخدم.
الإنسان يحمل هوية تُشعّر. 
لذلك، كلما حاولت الدولة توظيف الهوية، قتلت جوهرها.

سادسًا: كيف نُحيي الهوية الحقيقية؟
ليس بالقوانين، بل بالتالي:
العودة إلى الأسرة: البيت هو أول معبد للهوية.
إحياء اللغة في الحياة اليومية، لا في المناهج فقط.
الاحتفاء بالتقاليد الصغيرة: طريقة الجلوس، الطبخ، التحية، الحكاية.
التعليم بالحب، لا بالقسر.
إطلاق حرية التعبير: الهوية القوية لا تخاف من الاختلاف.
لأن الهوية الحقيقية لا تخاف من السؤال، بل تنمو فيه.
الهوية هي ما يبقى حين تسقط كل الأقنعة
في اللحظة التي يُسجن فيها الإنسان، أو يُنفى، أو يُفقَد كل شيء:
لا يحمل دستورًا
لا يملك شهادة انتماء
لا يُعلن هويته
لكن، في صمته، في صلاته، في لهجته، في طريقة كلامه، في كرمه، في عزّته...
تظهر هويته.
لأنها لم تكن يومًا في ورقة،
بل في القلب الذي لا يُختَطف.
الهوية الحقيقية لا تُحمى بالسجون، بل بالحب.
لا تُكتب في الدساتير، بل تنقش في الروح.
لا تُعلن، بل تُشعر.
لأن قلوب أبنائها... تحميها. 

 إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.