الـمخازن الأمازيغية: بنوك الحياة لقارة منسية
من جبل نفوسة في ليبيا إلى جبال الريف في المغرب، مرورًا بـالأوراس في الجزائر، وواحات ڨورارة، وقرى الأطلس الكبير، وصولًا إلى جزر الكناري، تشكل هذه المخازن شبكة ثقافية ومعمارية تتجاوز الحدود السياسية الحديثة. إنها شهادة على حضارة عابرة للجغرافيا، هي حضارة تامازغا، التي نجحت في بناء أنظمة جماعية لإدارة الموارد، وسط بيئات قاسية وصعبة.
هندسة البقاء والثقة
لم تكن هذه المخازن مخصصة لتخزين المؤن فقط، بل كانت أماكن للذاكرة، وملاذات في أوقات الأزمات، ومراكز لاتخاذ القرار الجماعي. لكل أسرة فضاؤها الخاص، محمي بقوانين صارمة، غالبًا ما يشرف عليها أمين منتخب. وقد جسدت هذه المخازن أخلاقيات المشاركة، حيث تُفكّر في الأمن الغذائي كحق جماعي، لا كسلعة تُباع وتُشترى.
عبقرية منسية، ودروس للمستقبل
في زمن يبحث فيه العالم عن نماذج للصمود أمام الأزمات المناخية، والنقص، والصراعات، تقدم المخازن الأمازيغية درسًا ثمينًا:
فكّر محليًا، وتصرف جماعيًا.
احفظ دون أن تُراكم.
ابنِ لتدوم، لا لتسيطر.
إنها دليل على أن شمال إفريقيا لم يكن مجرد ملتقى حضارات، بل كان أيضًا مختبرًا للذكاء الاجتماعي والبيئي.
وماذا بعد؟
إعادة اكتشاف هذه المخازن هو إحياء لذاكرة حيّة، ورفض للمحو، وإعادة وصل الشعوب بعبقريتها الأصلية. وهو أيضًا طرح لسؤال جوهري: لماذا نسينا أننا كنا نعرف كيف نعيش معًا… بذكاء؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق