أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الاثنين، 1 سبتمبر 2025

الرئيسية صانع الاصنام ذاك اللاوعي

صانع الاصنام ذاك اللاوعي


اللاوعي صانع الأصنام: حين تتحول الرموز إلى قوى خفية تحكمنا

الأصنام ليست دائمًا من حجر أو خشب. كثير منها يسكن في عقولنا وقلوبنا، في شكل أفكار، رموز، أو قيم نكررها بلا وعي. هذه
الأصنام لا يصنعها العقل الواعي، بل تتشكل في اللاوعي، حيث تتراكم الصور والمعاني والرموز عبر التاريخ الشخصي والجمعي، حتى تصبح حقائق "مقدسة" لا نجرؤ على مساءلتها.

1. اللاوعي… مخزن الرموز
اللاوعي الفردي والجمعي هو مستودع ضخم للصور، الحكايات، الطقوس، والمعتقدات التي ورثناها من الأسرة، المجتمع، والتاريخ.
هذه الرموز تتشكل عبر التجربة المبكرة، والتعليم غير المباشر، والتكرار الاجتماعي.
بمرور الوقت، تتحول من مجرد صور أو كلمات إلى مسلّمات، لا تحتاج – في نظرنا – إلى برهان.

2. من الرمز إلى الصنم ...كيف يتحول الرمز إلى صنم؟
التكرار: كلما تكرر الرمز في حياتنا، ترسخ في اللاوعي كحقيقة مطلقة.
الشحنة العاطفية: حين يرتبط الرمز بمشاعر قوية (خوف، فخر، حب)، يصبح من الصعب نقده أو تغييره.
القداسة الاجتماعية: المجتمع يمنح بعض الرموز حصانة من المساءلة، فتتحول إلى "ممنوعات فكرية".
هكذا، يصبح الرمز صنمًا: ليس لأنه مادي، بل لأنه محاط بهالة تمنعنا من رؤيته كشيء قابل للنقد أو التطوير.

3. آليات اللاوعي في صناعة الأصنام
الربط التلقائي: اللاوعي يربط بين الرمز ومعنى محدد، حتى لو تغير الواقع.
المقاومة النفسية: أي محاولة لتغيير الرمز تُستقبل كتهديد للهوية.
إعادة الإنتاج: اللاوعي يعيد إنتاج الرموز في سلوكنا وكلامنا دون أن نشعر، فننقلها للأجيال التالية.

4. الأصنام الحديثة
الأصنام التي يصنعها اللاوعي ليست دائمًا دينية أو أسطورية. قد تكون:
لغة نعتبرها الوحيدة القادرة على التعبير عن الحقيقة.
فكرة سياسية نراها الحل النهائي لكل مشكلاتنا.
صورة مثالية عن الذات أو الجماعة، نرفض الاعتراف بعيوبها.

5. كسر الأصنام يبدأ بالوعي

تحرير الذات من سلطة الأصنام لا يعني تحطيم الرموز أو إنكار قيمتها، بل إعادة وضعها في سياقها:
أن ندرك أن الرمز أداة، لا غاية.
أن نفصل بين المعنى الأصلي والطبقات التي أضافها التاريخ واللاوعي.
أن نسمح لأنفسنا بمساءلة ما ورثناه، دون خوف من فقدان الهوية.

اللاوعي صانع ماهر للأصنام، لكنه لا يعمل ضدنا عمدًا. هو يحاول حفظ الاستقرار النفسي والاجتماعي، لكنه يفعل ذلك أحيانًا على حساب الحرية الفكرية.

حين نعي هذه الآلية، نستطيع أن نحول الأصنام إلى رموز حية، قابلة للتجدد، تخدمنا بدل أن نستعبد لها.
 
إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.