أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

الرئيسية شمال افريقيا :البديل الامازيغي

شمال افريقيا :البديل الامازيغي

 الأمازيغية بين الهوية والسياسة

 لماذا تقلق الأنظمة؟ وكيف يمكن أن تكون بديلاً ديمقراطياً؟

الأمازيغية ليست مجرد لغة أو فلكلور. إنها تصور للعالم يقوم على الاعتراف بالتعدد والكرامة والحق في الاختلاف. حين تدخل هذه الرؤية إلى المجال السياسي، تهزّ بداهات الدولة الأحادية في شمال إفريقيا، لأن الديمقراطية الحقيقية — إن طُبقت — تعيد توزيع السلطة والمعنى. السؤال ليس: هل تخاف الأنظمة؟ بل: ممّ تخاف بالضبط؟

من الطمس إلى المطالبة بالاعتراف

لسنوات، وُضعت الأمازيغية في هامش الهوية الوطنية، باعتبارها “مسألة ثقافية” تُدار بالرموز لا بالحقوق.

نشأت حركة مدنية تربط اللغة بالحقوق، والهوية بالمواطنة، لا بالعرق أو الغلبة.

حين تتحول الهوية إلى مطالب مؤسساتية (دستور، تعليم، إعلام، قضاء)، تصبح السياسة محتومة: الاعتراف يساوي إعادة صياغة العقد الاجتماعي.

الامازيغية كتأسيس كبنية 

الأمازيغية، كخطاب حقوقي تعددي، تطعن في مركزية القرار وفي “وحدة الرواية” التي بنت عليها الأنظمة شرعيتها.

الديمقراطية التي تؤسس لها  ليست صندوق اقتراع فقط؛ إنها توزيع للغة في المدرسة، وللذاكرة في الإعلام، وللسلطة عبر اللامركزية. هذه تغييرات بنيوية لا تجميلية.

هدم البنية :كلما توسعت دوائر المشاركة والتمثيل الحقيقي، تقلصت قدرة الدولة على التحكم من المركز، وهذا يتعارض مع بنية سلطوية ترى في التعدد تهديداً لسيطرتها.

الأمازيغية كإطار ديمقراطي حقوقي

قيم تأسيسية: المساواة اللغوية، حرية التعبير الثقافي، الحق في التنظيم المحلي، الحق في ذاكرة متعددة.

مؤسسات لا شعارات: دسترة مُلزِمة، سياسات تعليمية واضحة، قضاء يحمي الحقوق اللغوية، وإعلام عمومي متعدِّد اللسان.

منطق المواطنة: لا تُطلب الحقوق باسم “جماعة تغلب” بل باسم مواطنين متساوين، ما يكسر ثنائية الأكثرية/الأقلية بوصفها أداة حكم.

مقارنة موجزة مع الطروحات الإسلامية واليسارية
البعدالطرح الأمازيغيالطرح الإسلامويالطرح اليساري
تصور السلطةتفكيك المركزية، محلية القرارسلطة موحّدة بمرجعية فوق-سياسيةسلطة مركزية تخطِّط باسم العدالة
التعدديةجوهر المشروع (لغوية/ثقافية/مجالية)غالباً تُدار داخل إطار مرجعي واحدمعترف بها نظرياً، تُضغط عملياً لصالح “الخط العام”
الحقوق والحرياتحقوق فردية وجماعية ثقافية ولغويةأولوية للمرجعية على التعدد القيميأولوية للعدالة الاجتماعية على التنوّع الثقافي
أدوات التعبئةمجتمع مدني، محليات، ثقافةتنظيمات أيديولوجية/دعويةنقابات وأحزاب إطارية
المخاطر الداخليةالانزلاق إلى هوياتية ضيقةالإقصاء باسم “النقاء العقدي”البيروقراطية الحزبية والإملاء الأخلاقي
وعد البديلدولة مواطنة تعددية لامركزيةدولة مرجعية ذات وحدة قيمدولة مساواة اقتصادية بمركز قوي

ملاحظة: داخل كل تيار تنوّعات واسعة؛ المقارنة تتناول الاتجاهات الغالبة لا كل تفاصيلها.

من “ثقافوي” إلى “مؤسساتي”: متى يصبح بديلاً حقيقياً؟

حين تُترجم القيم إلى آليات: قوانين، هيئات مستقلة، موازنات، وآجال تنفيذ.

حين تُحسم ثنائية الرمز/الحق لصالح الحق: الكرامة اللغوية في المحكمة والمدرسة، لا في المهرجانات فقط.

حين تتلاقى القضية اللغوية مع العدالة الاجتماعية والمجالية، فتُصبح الأمازيغية بوابة لتصحيح اختلالات التمثيل والتنمية.

خارطة طريق عملية لبناء بديل تعددي
  1. دسترة مُلزِمة وشفافة

    • الاعتراف الدستوري الفعلي باللغة الأمازيغية كلغة رسمية كاملة.

    • آليات إنفاذ قضائية تتيح التقاضي عند التقصير.

  2. سياسة لغوية تعليمية

    • تعميم تدريس الأمازيغية بمعايير بيداغوجية موحّدة وتكوين المعلمين.

    • إنتاج مناهج مزدوجة اللسان تكرس المساواة الرمزية والمعرفية.

  3. لامركزية ذات معنى

    • نقل صلاحيات وميزانيات للمجالس الجهوية المنتخبة، مع مؤشرات مساءلة علنية.

    • تمكين التخطيط الثقافي واللغوي محلياً وفق احتياجات الجهة.

  4. عدالة في الإعلام والفضاء العام

    • حصص ملزمة في الإعلام العمومي، وخدمات إدارية ثنائية اللسان.

    • أرشفة الذاكرة المتعددة وبثّها، لا حجبها.

  5. اقتصاد وثقافة

    • دعم الصناعات الثقافية الأمازيغية كرافعة تشغيل وهوية.

    • ربط اللغة بسياسات التنمية الريفية والجبلية لردم الفوارق المجالية.

  6. تحالفات مدنية عابرة للهويات

    • بناء جبهة مواطنة تشمل نقابات ونسويات وبيئيين ومدافعين عن الحقوق الرقمية.

    • معيار الانضمام: التزام غير مشروط بالتعددية وحقوق الإنسان.

التحديات والمزالق المحتملة

خطر الانزلاق إلى قومية مضادّة تعيد إنتاج الإقصاء بوجه معكوس.

تحويل القضية إلى ملف “هوية” معزول عن الخبز، الصحة، السكن، والعمل.

الاستيعاب الرمزي: منح اعترافات شكلية مقابل تجميد الإصلاحات البنيوية.

تشتت الحركات بين لغوي/ثقافي/حزبي بما يضعف الفعالية التفاوضية.

كيف يُتجاوز ذلك؟

توحيد المطالب حول ثلاثية: الاعتراف، التمثيل، اللامركزية.

قياس التقدم بمؤشرات قابلة للتحقق: نسب التعميم المدرسي، خدمات ثنائية اللسان، نسب الميزانيات المحلية.

أخلاقيات خطابية: رفض شيطنة الآخر، ورفض “النقاء الهوياتي” كمعيار.

 قوة التعدد أم وهم الوحدة؟

القضية الأمازيغية تقلق الأنظمة لأنها تُحوّل السؤال من “من يحكم؟” إلى “كيف نُحكم وباسم من؟”. حين يصبح المعيار هو كرامة الإنسان وحريته في لغته وذاكرته، تتفكك شرعية الدولة الأحادية تلقائياً. البديل ليس رفع راية جديدة فوق القصر نفسه، بل إعادة هندسة القصر: توزيع السلطة، تدوير المعنى، وإطلاق طاقة المجتمع. إن كان ثمن التعدد إعادة ترتيب المركز، فثمن الأحادية كان دائماً أفدح: إقصاء، هشاشة، وذاكرة مكسورة. السؤال الحقيقي لكل واحد منا: أي دولة نطيق أن نعيش فيها دون أن نُقصي جزءاً من أنفسنا؟

إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.