أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الاثنين، 25 أغسطس 2025

الرئيسية شمال إفريقيا التي لا تحب نفسها

شمال إفريقيا التي لا تحب نفسها

 شمال إفريقيا التي ترفض نفسها: حين تصير العنصرية بوابة العبور إلى كل شيء

في شمال إفريقيا، لا تُمارَس العنصرية فقط ضد الآخر، بل ضد الذات. ضد اللغة التي نتحدث بها، ضد الثقافة التي نعيشها، ضد الدين الذي نؤمن به، وضد السياسة التي تُديرنا. لقد تحوّلت العنصرية إلى شرط للقبول، إلى بوابة عبور: من لا يُجيد التنكّر لاختلافه، يُقصى. من لا يُشبه النموذج الرسمي، يُعتبر خطرًا. من لا يتحدث بلغة السلطة، يُعامل كغريب في أرضه.

عنصرية اللغة: جلد الذات بلغتها الأم

 الدارجة، التي يتحدث بها الملايين في المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا، تُعامل كعار لغوي. لا تُدرّس، لا تُكتب، لا تُعترف بها. يُهاجمها من يتحدث بها، ويُدافع عن الفصحى التي لا يُتقنها. أما الأمازيغية، فتوضع في خانة "التهديد الهوياتي"، رغم أنها لغة الأرض والتاريخ. النتيجة؟ انفصام لغوي جماعي، يُنتج مواطنًا يُنكر ذاته، ويُجلد لغته باسم القداسة.
 
عنصرية الثقافة: من لا يُشبه النموذج يُقصى
 في شمال إفريقيا، يُعاد إنتاج صورة نمطية للمواطن "المثالي": يتحدث الفصحى، يُمارس دينه بطريقة معينة، ينتمي إلى ثقافة مركزية واحدة. كل من يخرج عن هذا النموذج يُعامل كدخيل، حتى لو كان ابن الأرض. الثقافة تُحوّل إلى معيار إقصاء، لا مساحة تعايش. من يرقص رقصة غير مألوفة، من يُغني بلحن غير مركزي، من يلبس لباسًا غير معتمد، يُقصى.
 
عنصرية الدين: احتكار الإيمان وتكفير الاختلا
ف
الدين، الذي يُفترض أن يكون رحمة، يُستخدم كأداة إقصاء. يُكفَّر من يختلف، يُهاجم من يُسائل، يُقصى من يُفسّر. يُحتكر الخطاب الديني من طرف فئة تُنصّب نفسها وصية على الإيمان، وتُحوّل الدين إلى سلاح رمزي ضد الآخر. من لا يُصلي بطريقة معينة، من لا يُفكر بطريقة معينة، يُعامل كخارج عن الجماعة.
 
عنصرية السياسة: الوطنية المشروطة
 الوطنية في شمال إفريقيا ليست حقًا، بل امتيازًا مشروطًا. من يُطالب بالاعتراف بلغته، يُخَوَّن. من يُدافع عن ثقافته، يُتهم بالانفصال. من يُسائل السلطة، يُعامل كعدو. الخطاب السياسي يُعيد إنتاج العنصرية عبر مفاهيم مثل "الوحدة الوطنية" و"الهوية الجامعة"، التي تُستخدم لتخوين كل اختلاف، وتبرير كل إقصاء.
 
من المسؤول؟ الجميع
الدولة: تُشرعن الإقصاء عبر قوانين وتعليم وإعلام يُقصي التعدد.
المدرسة: تُدرّس لغة لا تُستخدم، وتُهمل لغة الناس.
الإعلام: يُكرّس النموذج الواحد، ويُقصي كل ما لا يُشبهه.
النخب: تُدافع عن الفصحى وتُهاجم الدارجة، تُنظّر للوحدة وتُخَوِّن التعدد.
المواطن: يُمارس عنصرية ضد ذاته، يُنكر لغته، يُهاجم أخاه، ويُدافع عن نموذج لا يُشبهه.
 
شمال إفريقيا التي لا تُحب نفسها
حين يُقصى الإنسان من لغته، من ثقافته، من دينه، من سياسته، فهو لا يعيش في وطن، بل في نموذج مفروض. حين يُجلد المواطن لأنه لا يُشبه النموذج الرسمي، فنحن لا نبني أوطانًا، بل نُعيد إنتاج الجرح. شمال إفريقيا لا تحتاج إلى شعارات جديدة، بل إلى شجاعة الاعتراف: الاعتراف بأن التعدد ليس خطرًا، بل هو ما يجعل الأرض أرضًا للجميع.
 
إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.