حين يهزّ الاقتصاد المعرفي أركان الاقتصاد الكلاسيكي
![]() |
الثورة الاقتصادية الحديثة |
الاقتصاد الكلاسيكي: منطق المادة
في الاقتصاد الكلاسيكي، تُقاس الثروة بالأطنان، بالأمتار المربعة، وبساعات العمل. النموذج خطي: استخراج، تحويل، بيع. النمو يعتمد على تراكم رأس المال المادي والبشري، وغالبًا ما ترتبط مكاسب الإنتاجية بتحسين العمليات الصناعية.
لكن هذا النموذج بدأ يُظهر محدوديته في عالم تستنزف فيه الموارد، وتُصبح فيه التلوثات مكلفة، وتُصبح فيه الابتكارات المحرك الرئيسي للتنافسية.
الاقتصاد المعرفي: منطق اللاملموس
يرتكز الاقتصاد المعرفي على أصول غير مادية: الأفكار، المهارات، البيانات، الإبداع. هنا، لا تأتي القيمة من كمية الإنتاج، بل من جودة المعلومات، وسرعة التكيف، والقدرة على الابتكار. تطبيق على الهاتف قد يُقدّر بمليارات دون امتلاك مصنع واحد. خوارزمية واحدة قد تغيّر قطاعًا بأكمله.
في هذا النموذج، المعرفة ليست سلعة متنافسة: يمكن مشاركتها دون أن تُفقد. وكلما انتشرت، زادت قيمتها.
صراع أم تكامل؟
يرى البعض أن هذين النموذجين متعارضان، لكن الحقيقة أنهما متكاملان. الاقتصاد الكلاسيكي يحتاج إلى المعرفة ليُعيد ابتكار نفسه: الزراعة أصبحت دقيقة، الصناعة أصبحت ذكية، والخدمات اللوجستية أصبحت خوارزمية. والاقتصاد المعرفي يعتمد على البنية التحتية المادية: مراكز البيانات، الشبكات، الآلات.
التحدي الحقيقي هو الانتقال دون تعميق الفجوة الاجتماعية. فالاقتصاد المعرفي يُعزز مكانة أصحاب المواهب، لكنه قد يُقصي من لا يملك التعليم أو التكنولوجيا أو الوصول إلى المعلومات.
نحو اقتصاد هجين
المستقبل لا يكمن في رفض الماضي ولا في تقديس الرقمنة. بل في اقتصاد هجين، تتعايش فيه المادة مع الذكاء. اقتصاد يُثمّن الحرفية كما يُثمّن الابتكار. اقتصاد لا يُقاس فقط بالناتج المحلي الإجمالي، بل بالرفاه، والاستدامة، والعدالة.
إيغوصار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق