أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الخميس، 23 أكتوبر 2025

الرئيسية لا يمكن الدفاع عن قضيّةٍ ما...

لا يمكن الدفاع عن قضيّةٍ ما...

الامازيغية تحتاج الى صحوة ووعي

الديناميكية الأمازيغية بحاجةٍ إلى صحوةٍ هويّاتيّة ووعيٍّ راسخٍ في التاريخ والأرض، لأنّه لا يمكن الدفاع عن قضيّةٍ ما وأنت مُذابٌ ومُغتربٌ عنها.
فكْرُ الدّا حماد دغرني، أطال الله في عمره، هو جوابٌ على النقاشات الدّائرة حول: من يجب أن يدافع عن القضيّة الأمازيغيّة؟ وكيف؟ ومن أين؟ ولماذا؟ 

1- الأمازيغيّ يعني "الإنسان الحرّ"، ولا يمكن لقضيّةٍ عادلةٍ ومشروعةٍ أن يدافع عنها مَن تخلّى عن ثقافته، أو مَن تشبّع قسْرًا بأيديولوجيا ما، سواء كانت يساريّةً أو يمينيّةً. تيمُزغا (الأمازيغية) هي قيمةٌ، وحامليها هم حُرّاسُها وأبناءُ تامازيغت، أمّهم وأرضهم ولغتهم، وليسوا مرتزقةً يعملون لمن يدفع أكثر. 

2- "أكّال" (الأرض)، و"أوّال" (الكلمة)، و"أفقان" (الإنسان) هي الركائز الثلاث لروحنا الأمازيغيّة:
بفقداننا لأكّال (أرضنا)، نفقد المعارف المرتبطة بها والمستمدة منها، ونفقد قيمنا الجماعيّة، ومبادئنا، وحقوقنا الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وذاكرتنا الجماعيّة.
فما هو الإنسان (المرأة، الرجل، الشاب، الشيخ) بدون أرضٍ ولا إقليمٍ ولا جذورٍ ولا ذاكرةٍ ولا حقوقٍ لغويّةٍ وثقافيّةٍ ولا قِيَمٍ أجداديّة؟!
إنّه إنسانٌ مُضعَفٌ، مفقودُ الذاكرة، يصبح أسوأ أعداء شعبه وقضيّته، إذ لم يَعُدْ يراها قضيّته، بل يحاربها بِحِقْدٍ أشدّ. 

3- تامازيغت هي "عشابو" (شعلة) لا تنطفئ أبدًا، و"أسّون" (ضوءٌ دائم) يجمع ويوحّد الأمازيغ دون أن يفرّق بينهم أو يُثير بعضهم ضدّ بعض.
لا حاجةَ لنا للانضمام إلى المؤسّسات لنُدافع عن القضيّة الأمازيغيّة، ولا نحتاج منصبًا رسميًّا، ولا لقبًا شرفيًّا، ولا تعيينًا من أحد:
كلّنا سواسية في أمازيغيّتنا، وكلّنا معنيّون بقضيّتنا. هي فخرُنا، وصلبُنا، واختيارُنا، وواجبُنا ومسؤوليّتُنا اليوميّة.
ندافع عنها بممارستها في حياتنا، في أعمالنا، وفي علاقاتنا الإنسانيّة والاجتماعيّة.
كلّ أمازيغيّة وأمازيغيّ، في تامزغا (أرض الأمازيغ) أو في العالم، هو حاملُ لواءٍ وسفيرٌ ودافعٌ عن الأمازيغ وعن انتمائهم إلى شمال إفريقيا الممتدّ من المحيط الأطلسيّ إلى البحر الأبيض المتوسّط، ومن الكثبان الصحراويّة إلى الريّغ، حيث تُثبّت جبال الأطلس والريف والقبائل توازنَ الرمز ⵣ بين السماء والأرض والبحر.

4- الأمازيغ هم أبناء هذا الجزء من العالم، كما يشهد بذلك جدّنا "إغُد" (الجميل).
شعبٌ سِلْميّ، حاملٌ لقيمٍ نبيلة، يعيش عند تقاطع الشرق والغرب والشمال والجنوب.
ظلّ الأمازيغ على حالهم، محافظين على هويّتهم الألفيّة رغم كلّ التحدّيات، ويجب أن يستمروا في ذلك إكرامًا لأجدادهم وحفاظًا على مستقبل الأجيال القادمة.
لن يكون للاستعمار، ولا للحروب الدينيّة، ولا للجيوسياسة، ولا للخلافات بين الشمال والجنوب أو الشرق والغرب، ولا للأيديولوجيات السياسيّة المتعدّدة، ولا للخطابات الكارهة أيّ تأثيرٍ على أمازيغيّتنا وقيمنا القائمة على العيش المشترك.
إنّ سِلميّتنا ليست ضعفًا، بل قوّةٌ جوهريّة: عقليّةٌ وروحيّةٌ.
ومرونتنا هي جوهر الاستمراريّة والديمومة.

الأمازيغيّ، الرمز ⵣ، الإنسان الحرّ، دائمًا واقفٌ، ثابتٌ، متماسكٌ، لأنه يعرف من هو، ومن أين أتى، وما يجب أن تكون أولويّاته.
الارتباط بالأرض (أكّال) وقوّة الذاكرة عبر الكلمة (أوّال) يذكّراننا أنّ الأمازيغ لم يكونوا يومًا المشكلة، بل على العكس تمامًا، هم الوحيدين القادرين على تقديم حلولٍ مستدامةٍ وعدالةٍ وأخلاقيّةٍ للمشاكل الراهنة. 

جدّيّة الأمازيغ، ونزاهتهم الأخلاقيّة، واحترامهم للقيم، هي اليوم درعٌ واقيٌ وخيطُ أريادن يرشدنا في هذه الفوضى الصّاخبة وهذا الكرنفال الذي تُشوّه فيه الأقنعة الحقائق.
بالتأكيد، الوضع الحاليّ صعبٌ، لكن أليس كذلك في كلّ أنحاء العالم؟!
نحن الأمازيغ، لقد مررنا بأزماتٍ أشدّ، ومع ذلك نحن هنا، كالشجرة "إيدغل" (البلّوط المهيب)، بفضل روحنا الحيّة، وإرادتنا الفولاذية، وإنسانيّتنا المُتوارثة عبر الأجيال. 

لقد دفع "إزِم" حياته ثمنًا للوحدة الترابيّة والعدالة.
وقد حُكم على زفزافي ورفاقه في الريف بعشرين سنة سجنًا بسبب مطالبهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة ولأنّهم كشفوا الظّلم والفساد.
لم ينتظروا فلانًا أو علّان ليُرشدهم، لأنّ وعيهم يفوق بكثير الاعتبارات الأيديولوجيّة والبرامج السياسيّة.
كما أنّهم لم ينتظروا الانضمام إلى المؤسّسات ليتكلّموا، إذ كانوا واعين بأنّ "الخدمة" (السيرفيس) تُفقِد الإنسان استقلاليّته، وأنّ السلطة تُسكِر.
هؤلاء الشباب الذين ضحّوا بأنفسهم هم روّادٌ، مثل "نبا" بأغانيه، ويمثّلون الوعي الجماعيّ للأمازيغ، الذي يحمله الحركة الأمازيغيّة بكلّ تيّاراتها، وبخاصةٍ فكر ومبادئ الشيوخ مثل الدّا حماد دغرني، والدّا موح آجّاجع، وعلي أزايكو... (أطال الله في أعمارهم)، والماستر شفيق، والماستر محمد بودحان... (رحمهم الله جميعًا). 

الحركة الأمازيغيّة موجودة، وستبقى ما دام الأمازيغ يعيشون في تامزغا ويحافظون على شعلة تيمُزغا.
أزمة خطابٍ أو لا، أزمة تمثيليّةٍ أو لا، أزمة مطالبٍ أو لا، الحقيقة أنّ القضيّة الأمازيغيّة لا يمكن أن يدافع عنها إلّا أبناؤها الشرعيّون الذين يعرفون ماذا يقولون، وكيف يقولونه، ومتى يقولونه.

من أجل الأمازيغ، مع الأمازيغ، وبالأمازيغ، سيُبنى الغد، غدٌ أفضل، عادلٌ ومنصفٌ، يكون فيه:
لا يُنتهك بعد اليوم الحقّ اللغويّ والثقافيّ، ويُطبّق رسميًّا الاعتراف بتامازيغت في جميع المجالات والخدمات، وتُعترف بها لغةً للتعلّم لا مجرّد لغةٍ تُدرّس.
يُعترف بالحقوق المدنيّة والسياسيّة للأمازيغ دون قيودٍ أو انتقائيّةٍ أو كراهيةٍ أمازيغيّة، لأنّ المواطَنة، شأنها شأن الوحدة الوطنيّة، لا تخضع لشروطٍ أو مُضاربات.
يُعترف بحقّ الجميع في الأرض والموارد الطبيعيّة وأساليب الحياة الأجداديّة، ويُحترم ويُحمى هذا الحقّ، لأنّه أساسيّ لتحقيق العدالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة للأمازيغ، وهو السدّ المنيع ضدّ الهشاشة والعزلة والتّهجير القسريّ.

في هذا اليوم التذكاريّ لرحيل الدّا حماد، من واجبنا جميعًا، أمازيغًا أحرارًا، أن نحافظ على ذكرى مَن رحلوا عنّا جسديًّا لكنّ أرواحهم ما زالت تحرسنا كمنارةٍ في عُرض العاصفة، وأن نُبدي الاحترام الواجب لكلّ مَن ضحّى أو يضحّي بحياته، بحريّته، بوقته، وبطاقته—امرأةً كان أو رجلاً، شابًّا أو شيخًا، في المدن أو الجبال أو في كلّ أنحاء العالم—ليبقى القضيّة الأمازيغيّة حيّةً.

نحن اليوم الحلقة التي تربط الماضي بالمستقبل، ونلتزم بالاستمرار جنبًا إلى جنب، كلٌّ منّا يقدّم خبرته، إرادته، وقته... ونيّته الصادقة لبناء الصرح الأمازيغيّ، مركزين على ما يوحّدنا عبر الزمان والمكان: التاريخ، الجغرافيا، الذاكرة، الكرامة، والفخر: أمازيغيّتُنا.

ستايمات آمينة أماهارش 
ترجمة إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.