أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الخميس، 23 أكتوبر 2025

الرئيسية الوجه الخفي للأنظمة التي تحكم الإنسان

الوجه الخفي للأنظمة التي تحكم الإنسان

السلطة: الوجه الخفي للأنظمة التي تحكم الإنسان

في عالم تتداخل فيه المفاهيم الكبرى كالدين، السياسة، الثقافة، والمجتمع، يظن الكثيرون أن هذه الأنظمة هي من تتحكم في الإنسان وتوجه سلوكه. لكن نظرة أعمق تكشف أن ما يحكم الإنسان فعليًا ليس هذه الأنظمة بذاتها، بل "السلطة" التي تتجلى من خلالها. فالدين لا يحكم، بل سلطة الدين؛ السياسة لا تقرر، بل سلطة السياسة؛ الثقافة لا تُشكل، بل سلطة الثقافة. السلطة هي الجوهر المتحكم، وهي التي تتخفى خلف الأطر الرمزية لتعيد تشكيل الإنسان وفق مصالحها.

السلطة كقوة غير مرئية
السلطة ليست دائمًا واضحة أو معلنة. إنها تتسلل عبر الخطاب، عبر المؤسسات، عبر العادات والتقاليد، فتُطوّع الإنسان دون أن يشعر. ميشيل فوكو، أحد أبرز المفكرين الذين تناولوا مفهوم السلطة، يرى أنها لا تُمارس فقط من الأعلى إلى الأسفل، بل تتغلغل في التفاصيل اليومية، في اللغة، في التعليم، في الطب، وحتى في الحب.

سلطة الدين: من الإيمان إلى الطاعة
حين يتحول الدين من تجربة روحية إلى منظومة سلطوية، يصبح أداة للضبط الاجتماعي. سلطة الدين لا تكمن في النصوص المقدسة، بل في من يملك حق تفسيرها وتطبيقها. رجال الدين، المؤسسات الدينية، وحتى الجماعات المتطرفة، يمارسون سلطة باسم الدين، فيوجهون الأفراد نحو الطاعة لا نحو التأمل.

سلطة السياسة: من التمثيل إلى الهيمنة
السياسة في جوهرها تنظيم للشأن العام، لكنها حين تُختزل في سلطة الدولة أو الحزب أو الزعيم، تتحول إلى أداة للهيمنة. المواطن لا يُحكم بالقانون فقط، بل بخطاب السلطة، بالخوف، بالرقابة، وبالولاء المفروض. السلطة السياسية تُعيد تشكيل الوعي الجمعي، وتُحدد ما يُقال وما يُمنع، ما يُحتفل به وما يُنسى.

سلطة الثقافة: من التعبير إلى التوجيه
الثقافة قد تبدو مساحة حرة للتعبير، لكنها في كثير من الأحيان تُستخدم كأداة لإعادة إنتاج السلطة. مناهج التعليم، الإعلام، الفن، كلها تُسهم في تشكيل الإنسان وفق نمط معين. سلطة الثقافة تُحدد الذوق، تُعيد إنتاج القيم، وتُرسّخ الصور النمطية التي تخدم مصالح السلطة السياسية أو الاقتصادية.

سلطة المجتمع: من الانتماء إلى القيد
المجتمع يمنح الإنسان شعورًا بالانتماء، لكنه أيضًا يفرض عليه قيودًا غير مرئية. سلطة المجتمع تُمارس عبر العرف، عبر التوقعات، عبر الخوف من النبذ. الفرد يُطوّع ليكون "مقبولًا"، حتى لو كان ذلك على حساب حريته أو قناعاته.

هل من سبيل للتحرر؟
التحرر لا يعني رفض الدين أو السياسة أو الثقافة، بل وعي السلطة التي تتخفى خلفها. حين يُدرك الإنسان أن السلطة ليست في النص بل في من يملكه، ليس في القانون بل في من يطبقه، يصبح قادرًا على المقاومة، على التفكير النقدي، على إعادة تشكيل ذاته بعيدًا عن القوالب المفروضة.
 
إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.