أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

الرئيسية شمال افريقيا السؤال المغيب !

شمال افريقيا السؤال المغيب !

السلطة ككائن بلا هوية !

حين نتحدث عن أزمة الهوية في شمال إفريقيا، غالبًا ما يُسلّط الضوء على الفرد أو الجماعة، بينما تُترك السلطة خارج دائرة السؤال. لكن الحقيقة أن السلطة نفسها تعاني من فراغ هوياتي بنيوي، يجعلها عاجزة عن إنتاج مشروع جامع، ويحوّلها إلى كائن وظيفي يعيش من أجل البقاء، لا من أجل البناء.

هل يمكن لسلطة بلا هوية أن تُنتج دولة ذات معنى؟
 
 1 السلطة والهوية: تفكيك المفهوم
الهوية، في معناها العميق، ليست مجرد انتماء جغرافي أو ثقافي، بل هي سردية وجودية تُعرّف الذات وتُحدد علاقتها بالعالم. حين تُفقد هذه السردية، تتحول السلطة إلى مجرد آلية ضبط، لا مشروع قيادة.
 
السلطة ذات الهوية: تُعرّف نفسها عبر مشروع وطني، رؤية إنسانية، وتصور للمستقبل.
 
السلطة بلا هوية: تُعرّف نفسها عبر أدوات السيطرة، وتُعيد إنتاج نفسها دون أفق.
 في شمال إفريقيا، السلطة لم تُبنَ على أساس فلسفي يُحدد الإنسان، بل على أساس براغماتي يُحدد المواطن ككائن وظيفي، تابع، قابل للتشكيل.

2 السلطة ما بعد الاستعمار: 
 ولادة بلا سردية بعد الاستقلال، ورثت الأنظمة الوطنية سلطةً لم تُؤسس على عقد اجتماعي، بل على شرعية التحرير. هذه السلطة لم تُنتج سردية وطنية جامعة، بل استعارت سرديات استعمارية أو دينية، دون مواءمة ثقافية أو فلسفية.تم اختزال الهوية الوطنية في شعارات مثل "الوحدة"، "الاستقلال"،"السيادة"، دون مضمون فعلي.تم تهميش التعدد الثقافي واللغوي لصالح سردية أحادية تُخدم السلطة لا المجتمع.لم تُطرح أسئلة جوهرية حول معنى الإنسان، المواطنة، والانتماء.
 
3 السلطة كأداة ضبط لا كأفق تحرر
السلطة في شمال إفريقيا لم تُمارس الحكم كفن لبناء الإنسان، بل كأداة لضبطه. هذا ما جعلها تُعيد إنتاج نفسها عبر:
مؤسسات تعليمية تُلقّن لا تُحرّر.
إعلام يُكرّس الخوف لا يُنتج الوعي.
خطاب سياسي يُعيد تدوير الأزمة بدلاً من حلها.
الهوية هنا ليست مشروعًا، بل قالبًا جاهزًا يُفرض على المواطن،
ويُحدد له كيف يكون، لا من يكون.

4 السلطة والهوية المُشتتة
السلطة بلا هوية تُنتج دولة بلا وجه، ومجتمعًا بلا بوصلة. وهذا ما نراه في:
ازدواجية الخطاب: حداثي في الخارج، تقليدي في الداخل.
غياب رؤية ثقافية تُحتضن فيها الأمازيغية، العروبة، الإسلام، والحداثة بشكل متكامل.
تفكك الهوية الوطنية إلى هويات فرعية متصارعة، تُستغل سياسيًا بدل أن تُحتضن إنسانيًا.

السلطة في شمال إفريقيا ليست فقط بلا مشروع، بل بلا هوية. إنها سلطة تعيش من أجل البقاء، لا من أجل البناء. وهذا الفراغ الهوياتي هو ما يُفسر هشاشتها أمام التحولات، وعجزها عن إنتاج دولة ذات معنى.
 
إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.