أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الخميس، 14 أغسطس 2025

الرئيسية المجتمع الامازيغي : النمودج الشاوي الهوية والاغتراب

المجتمع الامازيغي : النمودج الشاوي الهوية والاغتراب

 المجتمع الامازيغي : النمودج الشاوي الصراع والشرخ بين الهوية والاغتراب

بين الفخر العميق بالانتماء والألم الصامت للاغتراب، يعيش جزء من المجتمع الأمازيغي في الجزائرالنموذج الشاوي في الأوراس توترًا يوميًا بين هويةٍ تريد أن تتنفس بالكامل وواقعٍ يدفعها إلى الزوايا. ليس الأمر حنينًا إلى ماضٍ مثالي، بل سؤالًا صريحًا: كيف نصون هويةً حية دون أن نُسجن في متحف، وكيف ننفتح على العالم دون أن نذوب فيه؟

لمحة موجزة عن المجتمع الشاوي

الشاوية مكوّن أمازيغي راسخ في منطقة الأوراس بشرق الجزائر، بذاكرة مقاومةٍ متوارثة، ولغةٍ محلية (ثشاويت) وثقافةٍ يومية تُرى في الإيقاع الزراعي والاحتفال واللباس والموسيقى. هذا الحضور لم ينقطع، لكنه تغيّر: نزوحٌ إلى المدن، تعليمٌ موحّد، وإعلامٌ مركزي أعاد تشكيل السلوك. ما بقي ثابتًا هو الإحساس بالكرامة المرتبطة بالأرض واللغة والنجدة الاجتماعية.

هوية في اختبار
اللغة:
ليست مفردات فحسب، بل طريقة في رؤية العالم. التناوب بين العربية وثتشاويت قد يكون ثراءً، لكنه يتحول إلى جرحٍ خفي حين يُشعِر المتحدث بأنه “دون المستوى” في الفضاء العام.

الذاكرة: سرديات الأوراس في المقاومة والتنمية محصورة، لكنها كثيرًا ما تُستدعى زينةً رمزية بلا ترجمةٍ إلى حقوق وخدمات وفرص متكافئة.
المجال العام: حين تُختزل الهوية في فولكلور موسمي، يُصبح الحضور الثقافي “عرضًا” لا “سياسة” تعترف بالاختلاف وتنظّمه
 
وجوه الاغتراب
اغتراب لغوي:
 
التبخيس: السخرية من اللكنات واللهجات. 
الانكماش: تفضيل الصمت أو التعريب القسري للحفاظ على الاندماج.
 اغتراب اجتماعي-اقتصادي: 
 المركز والهامش: فرص العمل والخدمات تتركّز بعيدًا عن الهضاب والقرى.
 الهجرة الاضطرارية: نزوحٌ يخلخل شبكات الدعم التقليدية.
 اغتراب مديني:
  قواعد لعبة جديدة: رأس مال ثقافي مختلف، وأنماط عيشٍ تُكافئ من يتخلى أولًا.
 وصمٌ ناعم: تصنيفات جاهزة تختزل الناس في أصولهم.
 اغتراب رقمي: 
 منصة بلا تحكّم: خوارزميات تُضخّم الاستفزاز وتهمّش المحتوى المحلي الجاد.
 صناعة صورة سطحية: هوية تُباع في قالب “ترند”.
 اغتراب تمثيلي: 
 صوت منخفض في القرار: غيابٌ أو هشاشة في قنوات التأثير المؤسسية.
 تدوير النخب: وجوه تتكلم باسم الجميع دون تفويضٍ اجتماعي فعلي.
 
مصادر الشرخ
تعليم موحّد بلا تنوع: يساوي بين المختلفين بدل أن يعترف بالاختلاف ويحوّله إلى قيمة تعليمية، فيضع المتعلم أمام خيارٍ قاسٍ: التماهي أو التهميش.
 سياسات لغوية مترددة: الاعتراف الرمزي دون تعميم فعّال في المدرسة والإدارة والثقافة يخلق فجوة بين النص والواقع.
 إعلام مركزي: يفضّل السرديات الجاهزة، ويستضيف التنوع حين يصبح “زخرفة”، لا حين يكون سؤالًا حقوقيًا وتنمويًا.
 اقتصاد غير متوازن: غياب استثمارٍ عادل في البنى التحتية والقطاعات المنتجة محليًا يدفع إلى الهجرة ويضعف الثقة في المجال.
 تسييس الهوية: تحويل الهوية إلى ورقة ظرفية—تارة للتعبئة، وتارة للشيطنة—يفسد النقاش المدني ويُربك الأولويات.
 ذاكرة غير مُؤَسَّسة: حين تبقى الذاكرة شفهية بلا أرشفة ومتاحف ومراكز بحث محلية، تصبح قابلةً للمحو أو للاستغلال.
 
مخارج عملية لتجاوز الصراع
 مدرسة ممكِّنة للغات المحلية: إدماج ثتشاويت في التعليم المبكر، إنتاج كتب ومواد سمعية بصرية، وتدريب المدرسين محليًا.
 تنمية مجهَّزة بعدالة: ربط القرى والمدن ببُنى تحتية صلبة، وتحفيز سلاسل قيمة محلية: فلاحية، حرفية، سياحة جبلية، وصناعات ثقافية.
 ثقافة من القاعدة إلى القمة: دعم مسارح ومكتبات وفضاءات شبابية في الأوراس، وتمويل مهرجانات تُقيَّم بجودة المحتوى لا بحجم الاستعراض.
 سياسة لغوية قابلة للقياس: أهداف زمنية واضحة لوجود ثشاويت في الإدارة والإشارات العمومية والإعلام المحلي، مع مؤشرات متابعة علنية.
 تمثيل مؤسسي حقيقي: مجالس محلية منتخبة بسلطات فعلية، ومأسسة التشاور مع جمعيات وخبراء من المنطقة قبل رسم السياسات.
 جسور اجتماعية ذكية: برامج تبادل طلابي ومهني بين الأوراس والمدن الساحلية، تكسر الصور النمطية وتعزز التفاهم اليومي.
 منصات رقمية باللغة المحلية: دعم صناع محتوى بالتشاويت، وأرشفة رقمية للتراث الشفهي، وخوارزميات ترفع الجودة على حساب الاستفزاز.

الهويّة التي لا تتحول إلى حقوق ومعارف وفرص متاحة هي حنينٌ يتعب صاحبه. والاندماج الذي يطلب ثمنه محو الذات ليس اندماجًا، بل اغترابًا مؤبدًا. قوة النموذج الشاوي كما سائر مكوّنات المجتمع الأمازيغي في أن يُنجز معادلته الصعبة: أن يكون محليًا بلا انغلاق، وحديثًا بلا تنكّر لأصله. السؤال الآن ليس “من نحن؟” فحسب، بل “ماذا نفعل بهذه الهوية لتخدم حاضرنا ومستقبلنا؟” إذا بدأنا من المدرسة والاقتصاد والتمثيل، سيتراجع الشرخ، ويهدأ الصراع، وتتكلم الهوية بصوتٍ واثق لا يحتاج اعتذارًا ولا إذنًا.

إيغوصار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.