المدرسة وقانون لافوازييه
كيف يتحول فشل التعليم إلى أزمات مجتمعية؟
في الكيمياء، يخبرنا قانون لافوازييه أن "المادة لا تفنى ولا تُخلق من العدم، بل تتحول من شكل إلى آخر". لكن في التربية كمياء المجتمع، هذا القانون يتحول إلى لعنة: فشل التعليم لا يُفنى، بل يتحول إلى فشل مجتمعي شامل.
المدرسة ليست مجرد مكان لتلقين الدروس، بل هي مصنع لإنتاج الإنسان. وعندما يخفق المصنع، لا تُرمى المنتجات المعيبة في سلة المهملات، بل تُطلق إلى الشارع، إلى الوظائف، إلى السياسة، إلى الإعلام، إلى كل زاوية من زوايا المجتمع.
عندما تخفق المدرسة، لا يبقى الفشل في كشوف النقاط
كشوف النقاط المدرسية لا تُظهر سوى جزء ضئيل من الحقيقة. الطالب الذي رسب في الرياضيات، أو لم يفهم التاريخ، لا يُعاد تدويره في النظام، بل يُترك ليواجه العالم بلا أدوات.
وهنا يبدأ التحول:
في الجزائر، آلاف الشباب يغادرون المدرسة مبكرًا، ليجدوا أنفسهم في بطالة مزمنة، أو في أحضان التطرف، أو في قوارب الموت نحو أوروبا.
في الولايات المتحدة، فشل التعليم في الأحياء الفقيرة أدى إلى ارتفاع معدلات الجريمة، حيث يتحول الجهل إلى سلاح في يد العصابات.
في الهند، نظام التعليم الذي يركز على الحفظ دون فهم، ينتج ملايين الخريجين غير القادرين على الإبداع أو حل المشكلات، مما يعيق التنمية رغم الكثافة السكانية الهائلة.
في فرنسا، أزمة الهوية لدى أبناء المهاجرين ترتبط جزئيًا بفشل المدرسة في دمجهم، مما أدى إلى احتجاجات عنيفة في الضواحي.
الجهل ليس خيارًا رخيصًا بل مكلف جدا جدا
لكن الجهل ليس مجانيًا. إنه أغلى استثمار خاسر يمكن أن تقوم به دولة أو مجتمع:
الجهل يُكلف في الأمن: مزيد من الجرائم، مزيد من التطرف.
الجهل يُكلف في الاقتصاد: بطالة، إنتاجية منخفضة، هروب العقول.
الجهل يُكلف في الصحة: سوء تغذية، انتشار الأمراض، مقاومة اللقاحات.
الجهل يُكلف في القيم: انهيار الأخلاق، تفشي الكراهية، غياب الحوار.
المدرسة ليست مجرد مبنى... إنها مصير
حين تُهمل المدرسة، فأنت لا تُهمل جدرانًا، بل تُهمل مستقبلًا.
حين تُقصي المعلم، فأنت لا تُقصي موظفًا، بل تُقصي من يصنع الإنسان.
وحين تُحول التعليم إلى روتين ممل، فأنت لا تُعلم، بل تُخدّر العقول.
قانون لافوازييه في التربية:
قانون لافوازييه في التربية ،يتحول من معادلة كيميائية إلى معادلة حضارية:
"فشل التعليم لا يُفنى، بل يتحول إلى فشل في كل شيء آخر."
"فشل التعليم لا يُفنى، بل يتحول إلى فشل مجتمعي شامل."
فهل نُعيد التفكير؟
هل ننتظر أن يتحول الجهل إلى كارثة لا يمكن احتواؤها؟
الجواب ليس في الكلمات، بل في الإرادة السياسية، والوعي المجتمعي، والقرار الشجاع.
إيغوصار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق