أعلان الهيدر

Header ADS

أوال الكلمة

الخميس، 14 أغسطس 2025

الرئيسية أمننة الهوية في شمال افريقيا

أمننة الهوية في شمال افريقيا

أمننة الهوية الأمازيغية في شمال إفريقيا :بين التعددية المكبوتة والخطاب الأمني

في شمال إفريقيا، حيث تتداخل الهويات الثقافية واللغوية والدينية، برزت الهوية الأمازيغية كعنصر محوري في النقاشات حول الانتماء الوطني والمواطنة. غير أن هذه الهوية، بدل أن تُحتضن كجزء أصيل من تاريخ المنطقة، غالبًا ما تُؤمنن أي تُصوَّر كتهديد أمني محتمل خصوصًا حين تطالب بحقوق ثقافية أو لغوية أو سياسية. هذا المقال يستعرض كيف تُستخدم الأمازيغية في الخطاب الأمني، ويحلل الأبعاد والنتائج المترتبة على ذلك.

ما معنى "أمننة الهوية"؟
الأمننة تعني تحويل قضية اجتماعية أو ثقافية إلى مسألة أمنية، تُعالج بإجراءات استثنائية بدل الحوار أو السياسات العمومية. حين تُؤمنن الهوية الأمازيغية، تصبح:
موضوعا للرقابة والمراقبة.
تربط بالانفصال أو التهديد للوحدة الوطنية.
تستخدم لتبرير تهميش أو قمع المطالب الثقافية واللغوية.

الأبعاد المتعددة لأمننة الهوية الأمازيغية
1. البعد السياسي :تصوَّر المطالب الأمازيغية أحيانا كأجندة انفصالية، رغم أنها غالبا تطالب بالاعتراف الثقافي واللغوي.
يتهم النشطاء الأمازيغ بأنهم "يهددون وحدة الدولة"، مما يبرر التضييق عليهم أو تشويههم إعلاميًا.
2. البعد الثقافي واللغو: يرغم الاعتراف الرسمي بالأمازيغية في بعض الدول (مثل الجزائر والمغرب)، فإن التطبيق العملي غالبًا ما يكون شكليًا أو بطيئًا.
يُنظر إلى اللغة الأمازيغية أحيانًا كعنصر "غير منسجم" مع الهوية العربية الإسلامية الرسمية، مما يخلق توترًا في السياسات التعليمية والإعلامية.
3. البعد الأمني والاجتماعي :تُربط الهوية الأمازيغية أحيانًا بالاحتجاجات أو الحركات الاجتماعية، مما يؤدي إلى تدخل أمني بدل الحوار.
يُستخدم الخطاب الأمني لتخويف المجتمع من "الفتنة" أو "الانقسام"، رغم أن المطالب الأمازيغية غالبًا ما تكون سلمية ومدنية.

النتائج المترتبة على أمننة الهوية الأمازيغية

تهميش الهوية الأمازيغية  يؤدي إلى شعور بالاغتراب والتمييز داخل الوطن تعزيز الانقسام المجتمعي يُقسم المجتمع إلى "وطنيين" و"مهددين" بناءً على الهوية
إضعاف الثقة في الدولة  يشعر الأمازيغ أن الدولة لا تمثلهم ولا تحمي حقوقهم
تقييد الحريات الثقافية تُمنع المبادرات الثقافية أو تُراقب باسم الأمن

المفارقة: من يُعتبر "عربيا"؟
من المفارقات في الخطاب الأمني أن من يُعتبرون "عربًا" في شمال إفريقيا هم في الغالب أمازيغ تعرّبوا لغويًا وثقافيًا عبر قرون. هذا التعريب لا يعني انقطاعًا عن الأصل الأمازيغي، بل يعكس تفاعلًا تاريخيًا مع الدين والسياسة. ومع ذلك، يُستخدم هذا التعريب كأداة لتهميش الأصل الأمازيغي، وكأن "العروبة" هي الهوية الوحيدة الشرعية، بينما تُعامل الأمازيغية كاستثناء أو تهديد.

ضرورة تفكيك أمننة الهوية
لكسر هذا النمط، يجب:
الاعتراف بالأمازيغية كجزء أصيل من الهوية الوطنية، لا كتهديد لها.
فصل المطالب الثقافية عن الخطاب الأمني.
دعم التعليم والإعلام في بناء سرديات جامعة تحترم التعدد.
تشجيع الحوار بين المكونات الثقافية بدل التخويف من "الفتنة".

أمننة الهوية الأمازيغية في شمال إفريقيا ليست مجرد سوء فهم، بل هي ممارسة سياسية تُستخدم لتقييد التعددية وتبرير الإقصاء. إن الاعتراف الحقيقي بالأمازيغية لا يهدد الوحدة، بل يعززها عبر بناء وطن يتسع للجميع. الفتنة الحقيقية ليست في المطالبة بالحقوق، بل في إنكارها، والتعددية ليست خطرًا، بل ضمانة للاستقرار والعدالة.
 
إيغوصار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

imp

يتم التشغيل بواسطة Blogger.